
تواجه شاحنة “سايبر تراك” الكهربائية من تسلا، التي طال انتظارها ووُصفت بأنها ستُحدث ثورة في عالم السيارات، واقعاً صعباً مع تزايد المؤشرات على تراجع شعبيتها في السوق الأمريكية. فبعد سنوات من الترقب والضجة الإعلامية، تكشف أحدث بيانات المبيعات عن تحديات جمّة تعترض طريق الشاحنة ذات التصميم المستقبلي، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبلها وقدرتها على المنافسة في أحد أكثر قطاعات السيارات ربحية في العالم.
وفقاً لبيانات صادرة عن شركة “كوكس أوتوموتيف” للخدمات المتخصصة في مجال السيارات، شهدت مبيعات “سايبر تراك” انخفاضاً حاداً ومثيراً للقلق. حيث هوت مبيعات الشاحنة إلى النصف تقريباً خلال عام واحد، لتستقر عند 4,306 وحدات فقط في الربع الثاني من العام الحالي. هذا الرقم لا يمثل فقط تراجعاً بنسبة 50.8% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بل يضع الشاحنة في المركز الثالث ضمن سوق الشاحنات الكهربائية في الولايات المتحدة، متخلفةً عن منافسيها الرئيسيين. وتجدر الإشارة إلى أن شركة تسلا لا تعلن رسمياً عن أرقام مبيعات “سايبر تراك” بشكل منفصل، والتي يقتصر بيعها حالياً على سوق أمريكا الشمالية.
مستقبل شاحنة تسلا منافسة شرسة وأرقام مخيبة للآمال
عندما كشف إيلون ماسك، الملياردير الأمريكي ومالك شركة تسلا، عن “سايبر تراك” في عام 2019، بتصميمها الجريء المصنوع من الفولاذ المقاوم للصدأ، دقت أجراس الإنذار في أروقة عمالقة صناعة السيارات الأمريكية. استجابةً لذلك، سارعت شركات مثل فورد لتطوير نسخة كهربائية من شاحنتها الأيقونية والأكثر مبيعاً “إف-150″، لتطلق “إف-150 لايتنينج”.
وتُظهر الأرقام الحالية أن مخاوف المنافسين كانت في محلها، لكن النتائج لم تكن كما توقعت تسلا. فشاحنة “فورد إف-150 لايتنينج” ما زالت تتصدر المشهد، ورغم انخفاض مبيعاتها هي الأخرى بنسبة 26% في الربع الثاني، إلا أنها باعت 5,842 مركبة، متفوقة بوضوح على “سايبر تراك”. ولم تكن هذه هي المرة الأولى؛ ففي الربع الأول من عام 2025، تفوقت “لايتنينج” أيضاً بتسجيل 7,913 شاحنة مقابل 7,126 لـ”سايبر تراك”. والمثير للدهشة أن شاحنة “جي إم سي هامر الكهربائية” تمكنت أيضاً من تجاوز “سايبر تراك” بمبيعات بلغت 4,805 وحدات في الربع الثاني، وإن كانت هذه الأرقام تجمع بين طرازي البيك أب والـSUV.
من الضجيج إلى العقبات: أسباب التراجع
يبدو أن المسافة تتسع بين الوعود البراقة التي أطلقتها تسلا والواقع العملي الذي يواجهه المستهلكون، ويمكن تلخيص أسباب هذا التراجع في عدة نقاط محورية:
- عامل السعر الذي شكل صدمة للكثيرين؛ فبعد أن وعدت تسلا في البداية بسعر يبدأ من أقل من 40,000 دولار، تفاجأ المشترون بأن السعر الفعلي أعلى بكثير، مما أدى إلى ضعف تحويل الحجوزات التي تجاوزت المليون حجز إلى مبيعات فعلية.
- تواجه تسلا تحديات إنتاجية ضخمة، حيث كان ماسك يتوقع إنتاج ما يصل إلى 250,000 شاحنة سنوياً بحلول 2025، وهو هدف يبدو الآن بعيد المنال، إذ تشير التقديرات إلى أن المصنع يعمل بأقل من 10% من طاقته المستهدفة.
- إضافة إلى ذلك، أثرت عمليات الاستدعاء المتكررة سلباً على سمعة الشاحنة، حيث تم استدعاؤها لمشكلات تتعلق بدواسة الوقود وألواح خارجية قابلة للانفصال، مما أثار مخاوف تتعلق بالجودة والسلامة.
- كما أن إلغاء تسلا لخطط طرح بطارية إضافية لزيادة مدى الشاحنة قد أحبط بعض المشترين المحتملين.
هيمنة تقليدية وسوق متقلب
على الرغم من الاستثمارات الضخمة التي تُضخ في قطاع الشاحنات الكهربائية، لا تزال شاحنات الاحتراق الداخلي التقليدية التي تنتجها جنرال موتورز وفورد وكرايسلر تهيمن بشكل شبه كامل على هذا القطاع المربح في الولايات المتحدة. فالعديد من الشركات والمستهلكين الذين يعتمدون على هذه المركبات للأعمال الشاقة ما زالوا قلقين بشأن مدى الشاحنات الكهربائية والحاجة المستمرة لإعادة شحن بطارياتها.
ولم تدخل “سايبر تراك” السوق إلا في نهاية عام 2023 بعد تأخيرات متكررة، وسرعان ما انقسمت الآراء حول تصميمها الجذري وغير التقليدي. وفي ظل سوق الشاحنات الكهربائية الذي شهد انكماشاً بنسبة 19% في الربع الثاني من 2025، فإن التحديات التي تواجهها “سايبر تراك” تبدو أكبر من أي وقت مضى. ومع ذلك، ورغم كل الانتقادات، لا تزال الشاحنة تحظى بقاعدة جماهيرية مخلصة، حيث أظهر استطلاع غير رسمي أن 86% من مالكيها الحاليين سيعاودون شراءها مجدداً، مما يشير إلى أن قصة “سايبر تراك” لم تكتب فصلها الأخير بعد.
تعرف على: فولفو EM90 الكهربائية: أيقونة الفخامة والتنقل العائلي العصري